الشركات الإسرائيلية ترحب بشدة.! بقرار وزارة الخارجية ( العراقية ) حول مشاركتها بمعرض بغداد الدولي القادم.. عبودية الاستعمار الصناعية ؟!
لا يستطيع أحد أن ينكر اليوم أن وجود نظام " الكيان الصهيوني العنصري " بكافة أجهزته الأمنية والمخابراتية في العراق أصبح أمرآ مفروغ منه ولا مجال أبدآ إلى نكران هذا الوجود أو حتى التقليل من شأنه أو خطورته , صحيح أنه لم يحن الوقت لغاية الآن على خروجه إلى العلن ، ولكن هذا لا يمنع أن يكون هناك تواجد لشركات تجارية وخدمية وأمنية في بغداد ومختلف محافظات العراق وخصوصآ المحافظات الشمالية المحتلة من قبل ميليشيات " الصهيوبيشمركة " ولكن هذه الشركات دائمآ تكون تحت مسمى واسم تجاري وهمي لغرض عدم أثارت مشاعر المواطن العراقي وردة فعله على تواجدهم العلني في السوق التجارية العراقية .
وكما توقعنا في مقالنا السابق حول الاجتماع السري الذي جمع بين ( جلال الطالباني ) ورئيس وزراء ( الكيان الصهيوني ) على هامش أعمال الدورة 64 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، والمواضيع التي تم طرحها خلال هذا الاجتماع السري ومنها الموضوع التجاري ومستقبل الشركات التجارية ( الإسرائيلية ) ودورها في العراق والوعود المعسولة التي قطعها ( الطالباني ) لهذا ( النتنياهو ) بهدف فتح المجال أمام هذه الشركات ، ولكن على مراحل لكي لا تكون هناك ردة فعل قوية من قبل رجل الشارع العراقي حول هذا الموضوع ، ولذا كانت باكورة عمل مثل هذه الاجتماعات ما تم بالفعل من قبل وزارة خارجية حكومة الطغمة الحاكمة في المنطقة الخضراء بقرارها التي أصدرته قبل أيام وتم توزيعه على مختلف البعثات الأجنبية الدبلوماسية والمنظمات الدولية ببغداد ، والتي تسقط وتلغي فيه البند الذي ينص على مقاطعة الشركات الأجنبية لإسرائيل كشرط للاشتراك في معرض بغداد الدولي القادم ..
حيث أوضحت ما يعرف بـ ( وزارة الخارجية ) أنها ألغت بدورها الفقرة 45 الخاصة بشرط المشاركة في معرض بغداد الدولي السادس والثلاثون حيث كانت صيغة هذا القرار ن وقد نشرتها وسائل الإعلام كالأتي : تتشرف وزارة الخارجية بالإعلان عن أن الفقرة الخامسة والأربعين من الشروط والتعليمات المتعلقة بالمشاركة في الدورة السادسة والثلاثين من معرض بغداد الدولي والتي تنص على أنه يتعين على الشركات الراغبة في المشاركة فيه أن تلتزم بمقاطعة "إسرائيل"، قد ألغيت.! .
صحيح أن لا علاقات دبلوماسية علنية مع الحكومات الأربعة المنصبة ، ولكن هناك مصالح تجارية مختلفة ومتشعبة وشركات تجارية مملوكة لأشخاص إسرائيليين تدار من قبل شخصيات سياسية بين بعض من ابرز سياسي هذه الحكومات الصورية التي تم اعتمدها لحكم الدولة العراقية بعد الغزو والاحتلال وبحجة إعادة الأعمار ، حيث تدار بعض من هذه الشركات حتى من قبل بعض رجال الدين المتنفذين بالحكومة بمقابل أرباح سنوية توضع لهم في حساباتهم المصرفية بالخارج .
لقد كان صدى مثل هذا القرار المخزي والذي لم يكن للشعب العراقي أي دور فيه حتمآ له صدى واسع وترحيب من قبل الشركات الإسرائيلية التجارية والصناعية والتي سوف تدخل بدورها بقوة هذا العام للسوق العراقية بالاشتراك مع شركات أجنبية غربية وبعض الشركات العربية لعرض منتجاتها الغذائية والصناعية وخصوصا الشركات التي ليس لها سمعة تجارية وبضاعتها رديئة جدآ ، أو تلك الشركات التي تكدست بضائعها في المخازن وقاربت على التلف لذا سوف يكون هذا المعرض حبل الإنقاذ لها لغرض تصدير ما تتمكن من مختلف المنتجات الغذائية ـ المسرطنة والمعدلة وراثيآ طبعآ ـ ومختلف السلع والبضائع الرديئة ، فليس من المعقول أن نرى أن المنتجات الصناعية المتطورة سوف تكون على الواجهة في هذا المعرض ويستطيع أي شخص أو صاحب شركة استيراد مثل تلك المكائن التكنولوجيا الصناعية المتطورة التي قد تكون في خدمة الصناعات المحلية .
مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي تمر بها معظم الدول الصناعية الغربية والتي ترى ومن ضمنها ( الكيان الصهيوني) أن السوق العراقية واعدة بمجالات صناعية عديدة واستثمارات متعددة في جميع البني التحتية وخصوصآ مع عدم وجود أي نوع من الصناعة العراقية المتقدمة التي تم تدميرها ضمن عمليات الغزو والاحتلال الأمريكي البغيض بصورة مبرمجة ومعدة مسبقآ وهي سياسة جديدة تسمى بـ " عبودية الاستعمار الصناعية " التي تم تطبيقها أول الأمر في العراق بتدمير وتخريب كافة مرافقه الخدمية وشركاته ومؤسساته الصناعية وبناه التحتية لغرض أن يبقى العراق متخلف من هذه الناحية ويعتمد دائمآ وأبدآ على ما يصنعه له الغير ويصدره له إضافة إلى سرقة ثرواته النفطية والمعدنية وعدم إفساح المجال بأي حال إلى وجود تنمية صناعية وطنية محلية تعتمد على خبراتها الذاتية وتنمية موارده البشرية والطبيعية ، لقد كان الحاكم بأمره سيئ السمعة والصيت ( بول بريمر ) بقراراته الشيطانية وخطته الاستعمارية المرسومة بدقة أول من دق مسماره الصدأ في نعش جسد الصناعة العراقية ولم تتخذ أي إجراءات حقيقية لغرض أصلاح ما أفسده هذا ( البريمر ) لغاية اليوم ، بل بقى الجميع متفرجآ على حال ما وصلت أليه الصناعة العراقية
حتى موضوع تصدير مختلف البضائع الصناعية فإنها دائمآ تدخل العراق وهي بصورة رديئة جدآ ومن مناشيئ غير أصلية ، وقد تحول العراق خلال فترة الست سنوات السابقة إلى اكبر مكب للنفايات الصناعية الاستهلاكية في العالم أن لم يكن يتربع اليوم على المرتبة الأولى حتى بين دول العالم الفقيرة المختلفة لذا نرى أن هذه " العبودية الصناعية الاستعمارية " تتشكل حاليآ بوادرها الأولية تطبق في العراق وخصوصآ في مجال تطوير حقول وأبار المنشأة النفطية ومختلف مشتقاته النفطية .
جميع أجهزة الرقابة والسيطرة النوعية على مختلف السلع والبضائع الداخلة للعراق شبه معطلة لغاية اليوم بفعل السياسة الحزبية الحكومية المتعمدة لغرض عدم تطوير الصناعة العراقية ، بل وصل الأمر إلى محاربة كل جهد وطني عراقي مخلص قد يتبرع به بعض مهندسي الصناعة في العراق لتطوير شركاتهم ومصانعهم تحت حجة عدم توفير الموارد المالية اللازمة لغرض تطوير هذه الصناعة شبه المتوقفة حاليآ ، وليس أحقرها باتهامهم إنهم من بقايا النظام الوطني السابق ، وعلى الرغم من أن هؤلاء مهندسي العراق الصناعيين ومفاتيح أعادة بناء العراق وتنميته هدفهم الأول والأخير النهوض من جديد بالصناعات الوطنية العراقية من تحت ركام الفساد الحكومي والمحسوبية والرشوة ، أن حجم التنازلات السياسية غير المبررة وغير الأخلاقية التي أصبح يسارع هؤلاء لتقديمها لبعض الحكومات الغربية التي دمرت العراق وجعلته خرابآ الغرض منها هو تقديم دعم سياسي مقابل لهؤلاء لغرض محاولة البقاء في كرسي الحكم أطول فترة ممكنة لان الحس ( الوطني ) بمفهومه الأوسع معدوم في ضمائرهم ولا وجود له أطلاقآ في نفوسهم الطائفية المريضة ...
يرجح لنا وبصورة شبه أكيدة أن ما يسمى بـ "مؤتمر الاستثمار في العراق " الذي سوف يعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن خلال اليوميين المقبلين سوف يشهد حضور واسع ومكثف لمندوبين مختلف الشركات الإسرائيلية وفروعها في أمريكا لغرض التباحث حول السبل الكفيلة لدخول هذه الشركات السوق العراقية ... فاصل ونعود إليكم لمواصلة مشوارنا ...
* صحفي وباحث عراقي مستقل
معد البرنامج الإذاعي السياسي الساخر / حرامية بغداد
بقلم: صباح البغدادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق