ِ
ِ
السبت، مايو 29، 2010
الرد اليسير .. على شبهة رضاع الكبير
مقالة يسيرة في الرد على شبة رضاع الكبير نسأل الله ان ينفع بها ويجزي كاتبها كل خير :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد :
فقد تبنى ابو حذيفة –رضي الله عنه- سالماً قبل ان ينزل قول الله تعالى:
(ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ، حيث كان يُسمى بزيد بن محمد ..
وكان كذلك سالم مولى ابي حذيفة –رضي الله عنه- كان يُسمى بسالم بن ابي حذيفة
حتى نزلت آية : (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ) وحُرم التبني
روى البخاري في صحيحه (5088) :
(أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، تبنى سالما ، وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد ابن عتبة بن ربيعة ، وهو مولى لإمرأة من الأنصار ، كما تبنى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- زيدا ، وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه ، حتى أنزل الله : { ادعوهم لأبائهم - إلى قوله - ومواليكم } . فردوا إلى أبائهم ، فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين ، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري - وهي امرأة أبي حذيفة - النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقالت : يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا ، وقد أنزل الله فيه ما قد علمت . . فذكر الحديث)
وكان ذلك بعد أن بلغ سالم وكان قد تربى –رضي الله عنه- في بيت سهلة بن سهيل (زوجة ابي حذيفة) وتربى على أنها امه وكان يقول لها يا أماه وعلى أن ابو حذيفة هو اباه ..
وكان يدخل بيت ابيه وامه وكان يقال له سالم بن ابي حذيفة
فبعد أن ابطل الله -سبحانه وتعالى- التبني صارت سهلة بنت سهيل اجنبية عن سالم-رضي الله عنهما- ..
فأين سيعيش سالم بعد هذا؟ وقد بلغ مبلغ الرجال وعلم مايعلم الرجال فلا يجوز أن يدخل عليها ولا أن يراها
وليس لسالم-رضي الله عنه- مأوى يأوي إليه سوى بيت سهلة .. وقد اعتاد أن يدخل عليها على أنها امه كما ذكرنا آنفاً
فشكت ذلك (يعني سهلة) إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر ..
أخرج مسلم في صحيحه (1453) :
عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: (جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه ، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- : أرضعيه ، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقال قد علمت أنه رجل كبير)
وأخرج مسلم في صحيحه (1453) :
عن عائشة –رضي الله عنها- (أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم فأتت تعني ابنة سهيل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا* وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا ، فقال لها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- :أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة ، فرجعت فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة )
(*) وفي قولها انه قد بلغ مبلغ الرجال وعقل ماعقلوا .. دليل على أنه قد تربى في بيتها قبل أن يبلغ مبلغ الرجال وقبل ان يعقل ماعقلوا
وأخرج مسلم (1453) :
عن عائشة –رضي الله عنها- (أن سهلة بنت سهيل بن عمرو جاءت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقالت: يا رسول الله إن سالما لسالم مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا وقد بلغ ما يبلغ الرجال وعلم ما يعلم الرجال ، قال: أرضعيه تحرمي عليه)
فكأن امر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سهلة إرضاع سالم هو لحل هذه المشكلة .. وأن يكون ابنها من الرضاعة ومن محارمها ويستطيع ان يدخل عليها دون حجاب
أما في مسألة: هل كان إرضاعها إياه من الثدي مباشرة ؟
أولاً: ليس في الاحاديث الواردة في ذلك هذا الشئ .. ولايجوز رؤية الثدي ولا مسه ببعض الأعضاء
وثانياً: أقوال أهل العلم في هذا ..
قال ابن عبد البر: صفة رضاع الكبير أن يحلب له اللبن ويسقاه ، فأما أن تلقمه المرأة ثديها ، فلا ينبغي عند أحد من العلماء
واخرج ابن سعد في الطبقات: أنه كان يُحلب له في إناء قدر رضعة فيشربه سالم ، اما ان يباشر الثدي لقماً فلا
وقال عياض : ولعل سهلة حلبت لبنها فشربه من غير أن يمس ثديها ، ولا التقت بشرتاهما ، إذ لا يجوز رؤية الثدي ، ولا مسه ببعض الأعضاء .
أما في مسألة: هل يجوز ذلك في هذا الزمن؟
روى مسلم (1454) :
عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول : (أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة ، وقلن لعائشة : والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة ، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ، ولا رائينا)
وهذا ماعليه جميع ازواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عدا عائشة -رضي الله عنها- وماعليه المذاهب الأربعة وماعليه علماء الأمة
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: (وإنما يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة ولهذا لم يحرم رضاع الكبير لأنه بمنزلة الطعام والشراب ...) مجموع الفتاوى 3/167
وقال - رحمه الله -: (وأما رضاع الكبير فإنه لا يحرم في مذهب الأئمة الأربعة، بل لا يحرم إلا رضاع الصغير كالذي رضع في الحولين ..)
مجموع الفتاوى 3/158
قال الصنعاني -رحمه الله- في "سبل السلام" (2/313) : (والأحسن في الجمع بين حديث سهلة وما عارضه : كلام ابن تيمية , فإنه قال : إنه يعتبر الصغر في الرضاعة إلا إذا دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يُستغنى عن دخوله على المرأة وشق احتجابها عنه ، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة ، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثّر رضاعه . وأما من عداه , فلا بد من الصغر . انتهى . فإنه جمع بين الأحاديث حسن ، وإعمال لها من غير مخالفة لظاهرها باختصاص , ولا نسخ , ولا إلغاء لما اعتبرته اللغة ودلت له الأحاديث)
هذا ماعليه الكثير من أهل العلم المعاصرين .. وبهذا أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله ، واللجنة الدائمة للإفتاء، ورأوا أن حديث سالم خاص به.
انظر : "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (22/264) ، "فتاوى اللجنة" (21/41، 102) :
واختار الشيخ ابن عثيمين أن حديث سالم ليس خاصاً به ، ولكنه ينطبق على مَنْ حاله تشبه حال سالم ، وهذا لا يمكن الآن ، لأن التبني قد حرمه الله تعالى ، وبهذا يتفق هذا القول مع قول جماهير العلماء بأن رضاع الكبير لا يثبت به التحريم الآن)
هذا هو الراجح والله أعلم
هذا بإختصار شديد مسألة رضاع الكبير في كتب السنة
فلماذا كثر الكلام حول هذه الشبهة رغم انها مجرد رخصة في سالم-رضي الله عنه- وهو من خير الصحابة ؟
وأين من يطلق هذه الشبهة عن هذه الحقائق؟
ثم لو بحثنا في مراجع وكتب الشيعة الإثنى عشرية في مسألة رضاع الكبير لوجدنا ..
في تهذيب الأحكام للمفيد 7/322 :
(على بن فضال عن ابن ابى عمير عن جميل بن دراج عن ابى عبدالله عليه السلام قال: إذا رضع الرجل من لبن امراة حرم عليه كل شئ من ولدها وان كان الولد من غير الرجل الذى كان ارضعته بلبنه. وإذا رضع من لبن الرجل حرم عليه كل شئ من ولده وان كان من غير المرأة التي ارضعته) .. !!
بل ووجدنا في كتبهم رضاع الرجل للرجل ..
كما في الكافي الجزء1 صفحة 448 .. وفي بحار الأنوار الجزء 15 صفحة 340 :
عن أبي بصير عن أبي عبد الله -عليه السلام- قال: (لما ولد النبي مكث أياما ليس له لبن فألقاه أبو طالب على ثدي نفسه فأنزل الله لبنا فرضع منه أياما حتى وقع أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها) ..!!
وفي بحارالأنوار الجزء 38 صفحة 318 :
( قالت فاطمة بنت أسد : كنت مريضة فكان محمد يمص علياً لسانه في فيه فيرضع بإذن الله) .. !!
وما خفي كان أعظم .. !!
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين
قال تعالى
(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق